1سَـــــلو قَلبي غَـداةَ سَـــلا وَثابـا *** لَعَــــــلَّ عَلى الجَمــــالِ لَهُ عِتابا
2 وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ *** فَهَــــل تَرَكَ الجَمــــالُ لَهُ صَوابا
3 وَكُنتُ إِذا سَـــــأَلتُ القَلبَ يَومًا *** تَوَلّى الـــدَمعُ عَن قَلبي الجَــوابا
4 وَلي بَينَ الضُلــــــوعِ دَمٌ وَلَحمٌ *** هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَـــــبابا
5 تَسَرَّبَ في الدُمـــوعِ فَقُلتُ:وَلّى *** وَصَفَّقَ في الضُلـــوعِ فَقُلتُ: ثابا
6 وَلَو خُلِقَتْ قُلــــــوبٌ مِن حَديدٍ *** لَمـــا حَمَلَتْ كَمـــا حَمَــــلَ العَذابا
7 وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِمْ سُــــلافًــا *** وَكـــــانَ الوَصلُ مِـن قِصَرٍ حَبـابا
8 وَنادَمنــا الشَــبابَ عَلى بِساطٍ *** مِنَ اللَـــذاتِ مُختَـلِفٍ شَــــــرابـــا
9 وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى ***وَإِن طـــــــالَ الزَمــــانُ بِهِ وَطابا
10 كَــأَنَّ القَلبَ بَعـدَهُـــــمُ غَريبٌ *** إِذا عادَتـهُ ذِكــــــرى الأَهلِ ذابــا
11 وَلا يُنـبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي *** كَمَــــــن فَقَــدَ الأَحِبَّـةَ وَالصَحـابــا
12 أَخــــا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى *** تُـبَدِّلُ كُـــــــــــلَّ آوِنَةٍ إِهـــــــابـا
13 وَأَنَّ الرُقطَ أَيقَظُ هـــــاجِعاتٍ *** وَأَترَعُ في ظِــــــلالِ السِــــلمِ نابا
14 وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها *** وَتُفنيهِمْ وَمــــــا بَرِحَتْ كَعــــــابا
15 فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيـا فَــــــــإِنّي *** لَبِســــــتُ بِهـــا فَــأَبلَيتُ الثِـيابـا
16 لَهـا ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ *** وَلي ضَحِــــكُ اللَبيبِ إِذا تَغـــــابى
17 جَنَيتُ بِرَوضِها وَردًا وَشَوكًا *** وَذُقتُ بِكَأسِهـــــا شَهـــدًا وَصابا
18 فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللهِ حُكمًــــا *** وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا
19 وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلا *** صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبَ اللُبابا
20 وَلا كَرَّمتُ إِلا وَجهَ حُرٍّ *** يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا
21 وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً *** وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا
22 فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها *** كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا
23 وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخرًا *** وَأَعطِ اللهَ حِصَّتَهُ احتِسابا
24 فَلَو طالَعتَ أَحداثَ اللَيالي *** وَجَدتَ الفَقرَ أَقرَبَها انتِيابا
25 وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ *** وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا
26 وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ *** وَلَم أَرَ خَيِّرًا بِالشَرِّ آبا
27 فَرِفقًا بِالبَنينَ إِذا اللَيالي *** عَلى الأَعقابِ أَوقَعَتِ العِقابا
28 وَلَم يَتَقَلَّدوا شُكرَ اليَتامى *** وَلا ادَّرَعوا الدُعاءَ المُستَجابا
29 عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا *** عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا
30 وَتُلفيهُمْ حِيالَ المالِ صُمًّا *** إِذا داعي الزَكاةِ بِهِمْ أَهابا
31 لَقَد كَتَموا نَصيبَ اللهِ مِنهُ *** كَأَنَّ اللهَ لَم يُحصِ النِصابا
32 وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللهِ شَيئًا *** كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوًى وَخابا
33 أَرادَ اللَهُ بِالفُقَراءِ بِرًّا *** وَبِالأَيتامِ حُبًّا وَارتِبابا
34 فَرُبَّ صَغيرِ قَومٍ عَلَّموهُ *** سَما وَحَمى المُسَوَّمَةَ العِرابا
35 وَكانَ لِقَومِهِ نَفعًا وَفَخرًا *** وَلَو تَرَكوهُ كانَ أَذًى وَعابا
36 فَعَلِّمْ ما استَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً *** سَيَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا
37 وَلا تُرهِقْ شَبابَ الحَيِّ يَأسًا *** فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا
38 يُريدُ الخالِقُ الرِزقَ اشتِراكًا *** وَإِن يَكُ خَصَّ أَقوامًا وَحابى
39 فَما حَرَمَ المُجِدَّ جَنى يَدَيهِ *** وَلا نَسِيَ الشَقِيَّ وَلا المُصابا
40 وَلَولا البُخلُ لَم يَهلِكْ فَريقٌ *** عَلى الأَقدارِ تَلقاهُمْ غِضابا
41 تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَومًا وَقَبلي *** دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا
42 وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ *** فَجَرْتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا
43 أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى *** إِلى الأَكواخِ وَاختَرَقَ القِبابا
44 وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى *** حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا
45 وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ *** وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا
46 وَسَوّى اللهُ بَينَكُمُ المَنايا *** وَوَسَّدَكُمْ مَعَ الرُسلِ التُرابا
47 وَأَرسَلَ عائِلاً مِنكُمْ يَتيمًا *** دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا
48 نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلاً *** وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا
49 تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ *** فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُمْ مَتابا
50 وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ *** كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا
51 وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً *** وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا
52 وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى *** أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اغتِصابا
53 وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي *** وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
54 وَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ *** إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا
55 تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّتْ *** بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا
56 وَأَسدَتْ لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ *** يَدًا بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا
57 لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجًا مُنيرًا *** كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا
58 فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نورًا *** يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا
59 وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكًا *** وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا
60 أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري *** بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا
61 فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ *** إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
62 مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدرًا *** فَحينَ مَدَحتُكَ اقتَدتُ السَحابا
63 سَأَلتُ اللهَ في أَبناءِ ديني *** فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا
64 وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ *** إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا
65 كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِمْ *** أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا
66 وَلَو حَفَظوا سَبيلَكَ كان نورًا *** وَكانَ مِنَ النُحوسِ لَهُمْ حِجابا
67 بَنَيتَ لَهُمْ مِنَ الأَخلاقِ رُكنًا *** فَخانوا الرُكنَ فَانهَدَمَ اضطِرابا
68 وَكانَ جَنابُهُمْ فيها مَهيبًا *** وَلَلأَخلاقِ أَجدَرُ أَن تُهابا
69 فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئبًا *** وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا
70 فَإِن قُرِنَت مَكارِمُها بِعِلمٍ *** تَذَلَّلَتِ العُلا بِهِما صِعابا
71 وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ *** يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق